إنسانية ملك و شعب، بين وحشية المخزن القديم و افتراس الدولة العميقة
- مدير النشر
- ٢٣ مارس
- 2 دقائق قراءة

التقيت الملك محمد السادس ، و آنذاك ولي العهد في مناسبتين جميلتين ، الأولى في مراكش خلال بداية التسعينيات و الثانية في أكادير، و أنا انذاك شاب أتابع دراستي في احدى المدارس العليا ..
حين تقترب منه تحس بابتسامة رقيقة و عفويته و تواضعه ، يحييك بكل حب و احترام ، و قمة في المعاملة المحترمة و تحس بأنك أمام ملك مواطن و ملك إنسان قبل أن يكون ملك يسود و يحكم …
و عند وصوله للحكم أبان الملك الشاب عن طاقته الإنسانية و إرادته القوية لخدمة الشعب و البلاد ، و زار كل المغرب من شماله إلى جنوبه و من شرقه إلى غربه ، و زرع روح التفاؤل في نفوس المواطنين ، و بدأ انذاك "يغربل " المغرب من اللوبيات المتحكمة التي صنعها انذاك ، وزير الداخلية في عهد المرحوم الحسن الثاني …
و اتخذ ملك الفقراء آنذاك ، قرارات في خدمة الشعب ، و الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة و الفقراء و كان قصره محط العديد من مطالب المواطنين …
و دشن عديدا من المراكز و المستشفيات و دور للطلبة و مؤسسات خدماتية إنسانية عدة … لكن و مع الأسف الشديد، لم تنجح عدد من مشاريعه و لم تفلح إرادته القوية في محاربة الفقر في المغرب و في الإنتصار ضد الفساد، في ظل وجود فلول الدولة العميقة و بقايا اللوبيات الفاسدة من العهد السابق الذين توغلوا عبر الانتخابات و عبر السياسة و الاقتصاد ليفشلوا مشاريع الملك للشعب و لينجحوا في بسط نفوذهم ونجحوا في تفقير الشعب و التلاعب بالمال العام و تحويل المشاريع لفائدتهم عوض الشعب ..
و من أروع الوصفات السحرية التي تجمع الملك و الشعب هو الحب و التقدير و روح الاحساس بانه من المستحيل العيش بدون الآخر..كما ان إنسانية الملك و إنسانية الشعب جعلت هذا الثنائي و رغم ما يعيشاه من تحديات ، يشكلان عائلية واحدة في مواجهة الظروف الصعبة..
لكن الفساد توغل و الغلاء انتشر و القيم ضربت و الحياة المعيشية صارت صعبة في ظل تدهور القطاعات الصحية و تفتت التعليم العمومي و انعدام فرص الشغل و البطالة و امتلاء السجون و قمع حرية التعبير و انتهاك حقوق المواطنين و انعدام التوزيع العادل للثروة..
و هذا من صنع عميق للدولة العميقة و من صنع لوبيات متبقية من مفهوم المخزن القديم الذي كان يحطم كل شيء جميل في سنوات العهد القديم…
لقد أصبح الفساد يعرقل علاقة الملك بالشعب و يزحزح الثقة و المستفيد الوحيد هم الذين يكرهون مواجهة الفساد بل الذين خلقوا قوانين لحماية الفساد و الفاسدين في خرق سافر للدستور المغربي و للاتفاقيات الدولية مع المغرب و خاصة المتعلقة بحقوق الإنسان .
إن وحشية الدولة العميقة التي لا ترحم المواطن المغربي و حقوقه، و افتراس لوبيات الفساد المتحكمة في الاقتصاد و السياسة لثمار التحام الملك و الشعب ، يجعلنا نتطلع بضرورة خلق جبهة داخلية و خارجية قوية من مختلف مكونات المواطنين المغاربة الصادقين و الغيورين ، عمودها الفقري هو حقوق الإنسان و دستور جديد و سيادة القانون و الاحترام المتبادل و تفعيل المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة و حماية الحقوق والحريات و العمل على استفادة المواطنين من ثروات وطنهم ، و الإنصات و التجاوب و التواصل مع مطالب الشعب الذي هو الضامن لاستمرار الملكية في المغرب .
افتتاحية صوت المغرب الحر
عن مدير نشر صوت المغرب الحر نيوز
Comments